فصل: الحديث العَاشِر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير



.الحديث الثَّانِي:

رُوِيَ «أَنه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَى رَجُلًا غَطَّى لِحْيَتَهُ وَهْوَ فِي الصَّلاَةِ فَقَالَ: اِكْشِفْ لِحْيَتَكَ فَإِنَّها مِنْ الْوَجْهِ».
هَذَا الحَدِيث غَرِيب جدا لَا أعلم من خرَّجه. قَالَ الشَّيْخ زكي الدَّين: قَالَ الْحَازِمِي: هَذَا الحَدِيث ضَعِيف، وَله إِسْنَاد مظلم، وَلَا يثبت عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الْبَاب شَيْء، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين ابْن الصّلاح فِي كَلَامه عَلَى الْمُهَذّب: ذكر الْحَازِمِي- وَكَانَ ثِقَة من حفاظ عصرنا- أَن هَذَا حَدِيث ضَعِيف، وَأَنه لَا يثبت فِي هَذَا الْبَاب عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْء.
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب: هَذَا الحَدِيث وجد فِي أَكثر النّسخ من الْمُهَذّب، وَلم يُوجد فِي بَعْضهَا. وَكَذَا لم يَقع فِي نُسْخَة قيل إِنَّهَا مقروءة عَلَى المُصَنّف قَالَ: وَهُوَ مَنْقُول عَن رِوَايَة ابْن عمر، ثمَّ نقل كَلَام الْحَازِمِي الْمُتَقَدّم. وصرَّح فِي الْخُلَاصَة بضعفه أَيْضا، فَإِنَّهُ ذكره فِي فصل الضَّعِيف.

.الحديث الثَّالِث:

«أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأَ فَغَرَفَ غُرْفَةً غَسَلَ بِهَا وَجْهَهُ وَكَانَ كَثَّ اللِّحْيَةِ».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح. رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه من رِوَايَة ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما «أَنه تَوَضَّأ فَأخذ غرفَة من مَاء فَتَمَضْمَض بهَا واستنشق، ثمَّ أَخذ غرفَة من مَاء فَجعل بهَا هَكَذَا، أضافها إِلَى يَده الْأُخْرَى فَغسل بهَا وَجهه، ثمَّ أَخذ غرفَة من مَاء فَغسل بهَا يَده الْيُمْنَى، ثمَّ أَخذ غرفَة من مَاء فَغسل بهَا يَده الْيُسْرَى، ثمَّ مسح بِرَأْسِهِ، ثمَّ أَخذ غرفَة من مَاء فرش بهَا عَلَى رجله الْيُمْنَى حَتَّى غسلهَا، ثمَّ أَخذ غرفَة من مَاء فَغسل بهَا رجله- يَعْنِي الْيُسْرَى- ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ».
هَذَا لفظ رِوَايَة البُخَارِيّ فِي صَحِيحه. وَأما أَنه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ كث اللِّحْيَة: فَصَحِيح مَعْرُوف. قَالَ القَاضِي عِيَاض: ورد ذَلِكَ فِي حَدِيث جمَاعَة من الصَّحَابَة بأسانيد صَحِيحَة. انْتَهَى.
وَمن ذَلِكَ مَا أخرجه مُسلم فِي أَفْرَاده من حَدِيث جَابر بِلَفْظ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَثِيرُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ».
وَفِي دَلَائِل النُّبُوَّة للبيهقي، من حَدِيث عَلّي- كرَّم الله وَجهه- قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم ضَخْمُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ».
وَفِي رِوَايَة: «كَثُّ اللِّحْيَةِ»، وَفِي رِوَايَة: «عَظِيمُ اللِّحْيَةِ».
وفيهَا أَيْضا من حَدِيث أم معبد الْخُزَاعِيَّة لما وَصفته كُله: وفِي لحيته كَثَافَة. وفيهَا أَيْضا من حَدِيث هِنْد بن أبي هَالة أَنه ذكر فِي صفته، «أَنَّهُ كَانَ كَثَّ اللِّحْيَةِ».
وفيهَا أَيْضا من حَدِيث عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّهَا وَصفته بذلك أَيْضا. وَفِيه: «والكث الْكثير النَّابِت الشّعْر، المُلْتَفُّهَا».
وَفِي إِسْنَاد هَذَا الطَّرِيق رجل لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ، كَمَا قَالَه الْبَيْهَقِيّ.
وفيهَا أَيْضا فِي بَاب صفته فِي التَّوْرَاة وَغَيرهَا عَن مقَاتل بن حَيَّان، قَالَ: «أَوْحَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَم: صَدِّقُوا النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الْعَرَبِيَّ»، ثُمَّ ذَكَرَ صِفَتَهُ، وَفِيهِ: «الْكَثّ اللِّحْيَةِ».
وعزى هَذَا الحَدِيث- أَعنِي الَّذِي ذكره الإِمام الرَّافِعِيّ- الشَّيْخ زكي الدَّين فِي كَلَامه عَلَى أَحَادِيث الْمُهَذّب إِلَى النَّسَائِيّ وَحده، وَهُوَ عَجِيب مِنْهُ، فعزوه إِلَى البُخَارِيّ أولَى.

.الحديث الرَّابِع:

رُوِيَ «أَنه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذَا تَوَضّأَ أَدَارَ المَاءَ عَلَى مرْفَقَيْهِ»، وَيُروَى «أَنَّهُ أَدَارَ المَاءَ عَلَى مرْفَقَيْهِ، ثَمَّ قَالَ: هَذَا وضُوءٌ لاَ يَقْبَلُ اللهُ الصَّلاَةَ إِلاَّ بِهِ».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الأوَّل: الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنَيْهِمَا من رِوَايَة عباد بن يَعْقُوب، ثَنَا الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن جدِّه، عَن جَابر بن عبد الله، عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي رِوَايَة للبيهقي عَن سُوَيْد بن سعيد، عَن الْقَاسِم بالسند الْمَذْكُور عَن جَابر، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يُدِيرُ المَاءَ عَلَى المرْفَقِ». وَسكت الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن هَذَا الحَدِيث، وَلم يعقباه بتصحيح وَلَا بِتَضْعِيف. وَذكره الشَّيخ زكي الدَّين فِي كَلَامه عَلَى أَحَادِيث الْمُهَذّب بِإِسْنَادِهِ، ثمَّ بَيَّضَ لَهُ بَيَاضًا. وكأنَّه- وَالله أعلم- إنَّما فعل ذَلِكَ لضَعْفه، وَهُوَ ضَعِيف كَمَا صرح بِهِ الشَّيخ تَقِيّ الدَّين ابْن الصّلاح فِي كَلَامه عَلَى الْمُهَذّب وَلم يبَيِّن سَبَب ضعفه.
وَأَقُول: سَببه أَن فِي إِسْنَاده ثَلَاثَة رجال مُتَكَلم فيهم.
أحدهم: عباد بن يَعْقُوب الروَاجِنِي، رَوَى لَهُ البُخَارِيّ مَقْرُونا بآخر، قَالَ فِي حقِّه ابْن حبَان: إِنَّه رَافِضِي دَاعِيَة، يروي الْمَنَاكِير عَن الْمَشَاهِير، فاستحقَّ التَّرك.
الثَّانِي: الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عقيل، قَالَ ابْن عدي: قَالَ الإِمام أَحْمد: لَيْسَ بِشَيْء، وَقَالَ الْعقيلِيّ: قَالَ عبد الله بن أَحْمد: سَأَلت يَحْيَى بن معِين عَنهُ فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: مَتْرُوك الحَدِيث. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: أَحَادِيثه مُنكرَة، وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث. وَخَالف أَبُو حَاتِم بن حبَان، فَذكره فِي ثقاته فِي أَتبَاع التَّابعين. وَهَذِه قولة مِنْهُ تفرد بهَا. وَقد نصَّ غير وَاحِد من الْحفاظ عَلَى ضعف هَذَا الحَدِيث بِسَبَب الْقَاسِم هَذَا. فَقَالَ الْحَافِظ جمال الدَّين أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه التَّحْقِيق بعد استدلاله بِهِ: هَذَا الحَدِيث ضَعِيف، ثمَّ ذكر مقَالَة أَحْمد وَأبي حَاتِم فِي الْقَاسِم.
وَقَالَ الشَّيخ تَقِيّ الدَّين فِي الإِمام- بعد رِوَايَته لَهُ من طَرِيق الدَّارقطني وَالْبَيْهَقِيّ-: سكت عَنهُ الْبَيْهَقِيّ، وَلم يتعرَّض لَهُ بِشَيْء. ثمَّ نقل مَا قدمْنَاهُ عَن الْأَئِمَّة فِي تَضْعِيف الْقَاسِم.
وَقَالَ ابْن الصّلاح، ثمَّ النَّووي فِي كَلَامهمَا عَلَى الْمُهَذّب: إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث ضَعِيف.
وَالثَّالِث: جده عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل. وَفِيه مقَال قريب سَنذكرُهُ وَاضحا- إِن شَاءَ الله تَعَالَى- فِي أخريات هَذَا الْبَاب.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه: فِي بَاب لَا يتَطَهَّر بِالْمُسْتَعْملِ لم يكن بِالْحَافِظِ وَأهل الْعلم مُخْتَلفُونَ فِي الِاحْتِجَاج بِرِوَايَاتِهِ.
وسُويد بن سعيد، فِي الراوية الْأُخْرَى وَإِن أخرج لَهُ مُسلم، فقد قَالَ ابْن معِين: هُوَ حَلَال الدَّم. وَقَالَ: كَذَّاب سَاقِط، لَو كَانَ فِي يَدي فرس ورمح كنت أغزوه. وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِثِقَة. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: صَدُوق وَكَانَ كثير التَّدليس. وَقيل: إِنَّه عمي فِي آخر عمره، فَرُبمَا لقن مَا لَيْسَ فِي حَدِيثه، فَمن سمع مِنْهُ وَهُوَ بَصِير فَحَدِيثه عَنهُ حسن. وَقَالَ أَحْمد: مَتْرُوك الحَدِيث. وَقَالَ البُخَارِيّ: كَانَ قد عمي فتلقن مَا لَيْسَ من حَدِيثه.
وَقَالَ ابْن حبَان: يَأْتِي بالمعضلات عَن الثِّقَات، يجب مجانبة مَا رَوَى. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ ثِقَة، غير أَنه لما كبر قُرئ عَلَيْهِ حَدِيث فِيهِ بعض النكارة فيجيزه.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه فِي بَاب من قَالَ لَا يقْرَأ: تغيَّر بِأخرَة، فَكثر الْخَطَأ فِي رِوَايَته.
قُلْتُ: ويغني عَن هَذَا الحَدِيث فِي الدّلَالَة عَلَى دُخُول الْمرْفقين فِي غسل الْيَد حَدِيث أبي هُرَيْرَة الثَّابِت فِي صَحِيح مُسلم: «أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغََسَلَ يَدَيهِ حتَّى أَشْرَعَ فِي العَضدَيْنِ، وَغَسَلَ رِجْلَيهِ حتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَوَضَّأ».
وَسَيَأْتِي بِطرقِهِ عقب هَذَا الحَدِيث. فَثَبت بِهَذَا أَنه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم غسل مرفقيه، وَفعله بَيَان للْوُضُوء الْمَأْمُور بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق}، وَلم ينْقل تَركه ذَلِكَ.

.الحديث الخَامِس:

قَوْله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «فَمَنْ اِسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح. رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صَحِيحَيْهِمَا من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. وَلَفظ البُخَارِيّ: عَن نعيم بن عبد الله المجمر، قَالَ: رقيت مَعَ أبي هُرَيْرَة عَلَى ظهر الْمَسْجِد، فتوضَّأ ثمَّ قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: «إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِين مِنْ آثَارِ الوضُوءِ. فَمَنْ اِسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ فَلْيَفْعَلْ».
وَلَفظ مُسلم: عَن نعيم المجمر، قَالَ: «رَأَيْت أَبَا هُرَيْرَة يتوضَّأ فَغسل وَجهه فأسبغ الْوضُوء، ثمَّ غسل يَده الْيُمْنَى حتَّى أشرع فِي الْعَضُد، ثمَّ غسل يَده الْيُسْرَى حتَّى أشرع فِي الْعَضُد، ثمَّ مسح رَأسه، ثمَّ غسل رجله الْيُمْنَى حتَّى أشرع فِي السَّاق، ثمَّ غسل رجله الْيُسْرَى حتَّى أشرع فِي السَّاق ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يتوضَّأ، وَقَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْتُمُ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُون يَوْمَ الْقِيَامَةِ من إسباغ الْوضُوء، فَمَنْ اِسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وتَحْجِيلِهِ».
وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن نعيم: «رَأَيْت أَبَا هُرَيْرَة يتوضَّأ، فَغسل وَجهه وَيَديه حتَّى كَاد يبلغ الْمَنْكِبَيْنِ، ثمَّ غسل رجلَيْهِ حتَّى رفع إِلَى السَّاقين، ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِين مِنْ أَثَرِ الوضُوءِ، فَمَنْ اِسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ».
قَوْله: «أشرع» هُوَ بالشين الْمُعْجَمَة. قَالَ بَعضهم: الْمَعْرُوف شرع. وَقد حُكيَ فِيهِ شرع وأشرع. وَهَذِه اللَّفْظَة مَوْجُودَة فِي الْمُسْتَخْرج لأبي نعيم عَلَى كتاب مُسلم: أَسْبغ فِي الْمَوَاضِع الْمَذْكُورَة، بدل «أشرع». أَفَادَهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الإِمام.
قَالَ أهل اللُّغَة: الغرَّة بَيَاض فِي جبهة الْفرس، والتَّحجيل بَيَاض فِي يَديهَا ورجليها. قَالَ الْعلمَاء: يُسمى النُّور الَّذِي يكون عَلَى مَوَاضِع الْوضُوء يَوْم الْقِيَامَة غرَّة وتحجيلًا تَشْبِيها بغرَّة الْفرس وتحجيلها.
ونعيم المُجْمِر الرَّاوِي عَن أبي هُرَيْرَة: بِضَم الْمِيم الأولَى وَإِسْكَان الْجِيم وَكسر الْمِيم الثَّانِيَة. وَيُقَال لَهُ المُجَمِّر، بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الْمِيم الثَّانِيَة الْمَكْسُورَة. وَقيل لَهُ المجمر؛ لأنَّه كَانَ يجمر مَسْجِد رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي يبخره. كَذَا قَالَه النَّووي فِي شَرحه لمُسلم.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم ابْن حبَان: وَإِنَّمَا قيل المجمر؛ لِأَن أَبَاهُ كَانَ أَخذ المجمرة قُدَّام عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه إِذا خرج إِلَى الصَّلَاة فِي شهر رَمَضَان.
واعْلَم: أنَّ المجمر وصف لعبد الله، كَمَا قَرّرته، وَيُطلق عَلَى ابْنه نعيم مجَازًا.

.الحديث السّادس:

«أنَّ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مَسَحَ فِي وضُوئِهِ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى عمَامَتِهِ وَلَمْ يَسْتَوْعِبْ».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح. رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه من رِوَايَة حَمْزَة بن الْمُغيرَة بن شُعْبَة، عَن أَبِيه «أَنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مَسَحَ عَلَى الْخُفَّين وَمقدمِ رَأْسِهِ وَعَلَى عمَامَتِهِ».
وَرَوَاهُ مُسلم، أَيْضا من رِوَايَة عُرْوَة بن الْمُغيرَة عَن أَبِيه قَالَ: «تخلف رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَخَلَّفت مَعَه، فَلَمَّا قَضَى حَاجته قَالَ: أَمَعَكَ مَاء؟، فَأَتَيْته بمطهرة فَغسل كفيه وَوَجهه، ثمَّ ذهب يحسر عَن ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَ كم الْجُبَّة، فَأخْرج يَده من تَحت الْجُبَّة فَألْقَى الْجُبَّة عَلَى مَنْكِبَيْه، وَغسل ذِرَاعَيْهِ وَمسح بناصيته وَعَلَى الْعِمَامَة، وَعَلَى خفيه، ثمَّ ركب، وَركبت...» الحَدِيث.
وممّا يَنْبَغِي لَك أَن تتنبَّه لَهُ أَيهَا الْفَقِيه الْمُحدث أنَّ الشَّيْخ زكي الدَّين فِي كَلَامه عَلَى أَحَادِيث الْمُهَذّب، قَالَ بعد أَن أخرج هَذَا الحَدِيث: اتَّفق الشَّيْخَانِ عَلَى إِخْرَاجه، وَهَذَا وهم مِنْهُ، فَلم يُخرجهُ البُخَارِيّ أصلا، فاستفد ذَلِكَ وَإِيَّاك والتَّقليد فِي شَيْء من النُّقول فإنَّه مَذْمُوم، ثمَّ رَأَيْت بعد ذَلِكَ مَا لَعَلَّه سَبَب وهمه، وَهُوَ أَن الشَّيْخ جمال الدَّين ابْن الْجَوْزِيّ وَقع لَهُ ذَلِكَ فِي تَحْقِيقه، فَقَالَ عقبه: أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَكَثِيرًا مَا يقلده الشَّيْخ زكي الدَّين فِي الْكتاب الْمَذْكُور.
الناصية: مقدم الرَّأْس. وَجَاء عَنهُ مَا ظَاهره إِفْرَاد الناصية بِالْمَسْحِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه عَن أَحْمد بن صَالح، ثَنَا ابْن وهب، حَدَّثَنَي مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن عبد الْعَزِيز بن مُسلم، عَن أبي معقل، عَن أنس قَالَ: «رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ وَعَلِيهِ عِمَامَة قطرية فَأدْخل يَده من تَحت الْعِمَامَة، فَمسح مقدم رَأسه وَلم ينْقض الْعِمَامَة».
كل رِجَاله فِي الصَّحِيح إلاَّ عبد الْعَزِيز بن مُسلم وَأَبا معقل، وهما مستوران لَا أعلم من جرحهما وَلَا من وثقهما. وَإِن وثق الأوَّل ابْن حبَان وَحده.
والأصحَّ أنَّه لَا يجوز الِاحْتِجَاج بهما وَالْحَالة هَذِه. لَا جرم، قَالَ ابْن الْقطَّان: إِنَّه حَدِيث لَا يَصح، قَالَ ابْن السكن: لم يثبت إِسْنَاده. قَالَ ابْن الْقطَّان: هُوَ كَمَا قَالَ، أَبُو معقل: مَجْهُول الِاسْم وَالْحَال.
وَعبد الْعَزِيز ذكره البُخَارِيّ بِهَذَا الحَدِيث، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: رَوَى عَنهُ ابْن إِسْحَاق وَمُعَاوِيَة بن صَالح، وَلم يزدْ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان: ولعلَّه عبد الْعَزِيز بن مُسلم الْقَسْمَلِي الْبَصْرِيّ الثِّقَة العابد الْمخْرج حَدِيثه فِي الصَّحِيحَيْنِ.
القِطريَّة: بِكَسْر الْقَاف نوع من البرود. قَالَ الْخطابِيّ: فِيهَا حمرَة.

.الحديث السّابع:

أَنه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح. رَوَاهُ مُسلم من رِوَايَة يعْلى بن أُميَّة، قَالَ: «قُلْتُ لعمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: إِنَّمَا قَالَ الله: {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة إِن خِفْتُمْ}، فقد أَمن النَّاس؟ فَقَالَ: عجبت مِمَّا عجبت مِنْهُ، فَسَأَلت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِكَ فَقَالَ: صَدَقَة تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ».
وَفِي صَحِيح ابْن حبَان: «فَاقْبَلُوا رُخْصَتَهُ»، وَترْجم عَلَيْهِ أنَّه أَرَادَ بِالصَّدَقَةِ الرُّخْصَة. وَفِي صَحِيحه عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ».
وَأخرجه من حَدِيث ابْن عمر أَيْضا.

.الحديث الثّامن:

رَوَى النُّعْمَان بن بشير رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «أمرنَا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِقَامَة الصُّفُوف. فَرَأَيْت الرجل منا يلزق مَنْكِبه بمنكب أَخِيه وكعبه بكعبه».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنَيْهِمَا، وَابْن خُزَيْمَة، وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا من رِوَايَة أبي الْقَاسِم الجدلي، قَالَ: سَمِعت النُّعْمَان بن بشير رَضِيَ اللَّهُ عَنْه يَقُول: «أقبل رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى النَّاس بِوَجْهِهِ فَقَالَ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ- ثَلاَثًا- وَاللهِ لَتُسَوُّنَّ صُفُوَفكُمْ اَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ». قَالَ: فَرَأَيْت الرجل يلزق كَعبه بكعب صَاحبه وركبته بركبة صَاحبه ومنكبه بمنكبه.
وَذكره ابْن السكن أَيْضا فِي صحاحه.
وَأخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه تَعْلِيقا بِصِيغَة جزم، فَقَالَ فِي أَبْوَاب تَسْوِيَة الصّفوف: وَقَالَ النُّعْمَان بن بشير: رَأَيْت الرجل منا يلصق كَعبه بكعب صَاحبه. وتعليقات البُخَارِيّ إِذا كَانَت بِصِيغَة الْجَزْم تكون صَحِيحَة يحتجّ بهَا.
وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه، وَلَفظه: «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بِيْنَ قُلُوبِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَلَقَد رَأَيْت الرجل منا يلْتَمس منْكب أَخِيه بمنكبه وركبته بركبته وَقدمه بقدمه».
قَالَ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه: أَبُو الْقَاسِم الجدلي هَذَا هُوَ حُسَيْن بن الْحَارِث من جديلة قيس، رَوَى عَنهُ زَكَرِيَّا وَأَبُو مَالك- يَعْنِي الْأَشْجَعِيّ- وحجاج بن أَرْطَاة، وَعَطَاء بن السَّائب، عداده فِي الْكُوفِيّين.
وَقَالَ ابْن حبَان فِي صَحِيحه: أَبُو الْقَاسِم هَذَا اسْمه حُسَيْن بن قيس من جديلة قيس، من كبار التَّابِعين.
وَقَالَ الشَّيْخ زكي الدَّين: اسْم أبي الْقَاسِم حُسَيْن بن الْحَارِث، وَقد سمع من النُّعْمَان بن بشير، يعد فِي الكوفيِّين.
قَالَ: وَقَالَ الْحَازِمِي: لَا أعرف لَهُ عَن النُّعْمَان حَدِيثا مُسْندًا سُوَى هَذَا الحَدِيث.
وَاعْلَم: أَن الإِمام الرَّافِعِيّ- رَحِمَهُ اللَّهُ- أورد هَذَا الحَدِيث محتجًا بِهِ عَلَى أَن الكعب هُوَ الْعظم الناتىء عِنْد مفصل السَّاق والقدم، رادًا عَلَى من يَقُول: إنَّه مجمع عِنْد مفصل السّاق والقدم، وَكَذَلِكَ ترْجم لَهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه.
وممَّا يستدلّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ أَيْضا- وَهُوَ غَرِيب عَزِيز- الحَدِيث الصَّحِيح، حَدِيث طَارق الْمحَاربي قَالَ: «رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مر فِي سوق ذِي الْمجَاز وَعَلِيهِ حلَّة حَمْرَاء، وَهُوَ يَقُول: أَيُّهَا النَّاسُ: قُولُوا لاَ إِلهَ إِلاَّ الله تُفْلِحُوا، وَرجل يتبعهُ ويرميه بِالْحِجَارَةِ، وَقد أدْمَى كَعبه وعرقوبه وَهُوَ يَقُول: يَا أيّها النَّاس: لَا تطيعوه، فإنَّه كَذَّاب. فَقلت: من هَذَا؟ فَقَالُوا: إنَّه غُلَام بني عبد الْمطلب. فَقلت: من هَذَا الَّذِي يتبعهُ ويرميه بِالْحِجَارَةِ؟ فَقَالُوا: عبد الْعُزَّى أَبُو لَهب».
اسْتدلَّ بذلك إِمَام الأئمَّة أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه. عَلَى أَن الكعب مَا قدمْنَاهُ، من حَيْثُ أَن الرَّمية إِذا جَاءَت من وَرَاء المرمى لَا تصيب ظهر الْقدَم، إِذا السَّاق مَانع أَن تصيب الرَّمية ظهر الْقدَم.
وَاسْتدلَّ لذَلِك ابْن خُزَيْمَة أَيْضا فِي صَحِيحه- وَتَبعهُ عَلَى ذَلِكَ ابْن حبَان فِي صَحِيحه أَيْضا- بِحَدِيث حمْرَان «أَن عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه دَعَا يَوْمًا بِوضُوء...»، فَذكر الحَدِيث فِي صفة وضوء رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَن قَالَ: «ثمَّ غسل رجله الْيُمْنَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاث مَرَّات، واليسرى مثل ذَلِكَ».
قَالَ ابْن خُزَيْمَة: فِيهِ دلَالَة عَلَى أَن الْكَعْبَيْنِ هما العظمان الناتئان فِي جَانِبي الْقدَم. إِذْ لَو كَانَ الْعظم الناتئ عَلَى ظهر الْقدَم لَكَانَ للرجل الْيُمْنَى كَعْب لَا كعبان.

.الحديث التَّاسِع:

أَنه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «أَمَّا أَنَا فَأُحِثْي عَلَى رَأْسِي ثَلاَثَ حثْيَاتٍ ثُمَّ أُفِيضُ، فَإِذَا أَنَا قَدْ طَهُرْتُ».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، مَرْوِيّ بِدُونِ هَذِه اللَّفْظَة الْأَخِيرَة، وَهُوَ قَوْله: «فَإِذَا أَنَا قَدْ طَهُرْتُ».
رَوَى البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صَحِيحَيْهِمَا من رِوَايَة جُبَير بن مطعم رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه ذكر عِنْده الْغسْل من الْجَنَابَة، فَقَالَ: «أَمَّا أَنَا فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلاثَ أَكُفٍّ». وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ: «أَمَّا أَنَا فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلاَثًا» وَأَشَارَ بيدَيْهِ كلتيهما.
وَفِي رِوَايَة للإِمام أَحْمد فِي مُسْنده بِإِسْنَاد صَحِيح: «أَمَّا أَنَا فَآخُذُ مِلْءَ كَفِّي ثَلاَثًا فَأَصُبّ عَلَى رَأْسِي ثُمَّ أُفِيضُ بَعْدَهُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِي».
وَفِي رِوَايَة لِابْنِ مَاجَه من حَدِيث جَابر «قُلْتُ: يَا رَسُول الله إنّا فِي أَرض بَارِدَة، فَكيف الْغسْل من الْجَنَابَة؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَحْثُوا عَلَى رَأْسِي ثَلاَثًا». وَفِي رِوَايَة لمُسلم: «فَأَمَّا أَنَا فَأَحْفِنُ عَلَى رَأْسِي ثَلاَثًا».
وأمَّا اللَّفْظَة الَّتِي ذكرهَا الإِمام الرَّافِعِيّ فِي آخر الحَدِيث وَهِي: «فَإِذَا أَنَا قَدْ طَهُرْتُ» فمروي مَعْنَاهَا من حَدِيث أمّ سَلمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها الثَّابِت فِي صَحِيح مُسلم، «قُلْتُ: يَا رَسُول الله: إنّي امْرَأَة أَشد ضفر رَأْسِي، أفأنقضه لغسل الْجَنَابَة؟ قَالَ: لَا إِنَّمَا يِكْفِيكِ أَنْ تُحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلاَثَ حثيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِين عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِين».
وَجبير بن مُطْعِم، وَالِده بِضَم الْمِيم وَكسر الْعين. قَالَ النَّووي فِي شرح المهذَّب: لَا خلاف فِي ذَلِكَ، قَالَ: وإنَّما نبهت عَلَى كسر الْعين مَعَ أنَّه ظَاهر؛ لِأَنِّي رَأَيْت بعض من جمع فِي أَلْفَاظ الْفِقْه، قَالَ: يُقَال بِفَتْح الْعين، قَالَ: وَهَذَا غلط لَا شكَّ فِيهِ وَلَا اخْتِلَاف.

.الحديث العَاشِر:

رُوِيَ أَنه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لاَ يَقْبَلُ اللهُ صَلَاة اِمْرِئٍ حتَّى يَضَعَ الطهورَ مَوَاضِعَهُ فَيَغْسِل وَجْهَهُ ثُمَّ يَدَيهِ ثُمَّ يَمْسَح رَأْسَهُ ثُمَّ يَغْسِل رِجْلَيهِ».
هَذَا الحَدِيث غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ، لَا أعلم من خرَّجه كَذَلِك. وَقَالَ النَّووي فِي شرح الْمُهَذّب: إنَّه ضَعِيف غير مَعْرُوف. قُلْتُ: لَكِن رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ والنَّسائي عَن رِفَاعَة بن رَافع، قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد، فَدخل رجل فَصَلى فِي نَاحيَة الْمَسْجِد، فَجعل رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يرمقه، ثمَّ جَاءَ فَسلم فَرد عَلَيْهِ، وَقَالَ: اِرْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ، فَرجع فَصَلى ثمَّ جَاءَ فَسلم عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: اِرْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، فَقَالَ لَهُ فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابعة: وَالَّذِي بَعثك بالحقِّ لقد اجتهدت فِي نَفسِي، فعلمني وَأَرِنِي فَقَالَ: إِذَا أَردتَ أَنْ تُصَلِّي فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللهُ...» الحَدِيث.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن صَحِيح.
وَفِي رِوَايَة للدارقطني: «لَا تتمَّ صَلَاة أحدكُم حتَّى يسبغ الْوضُوء كَمَا أمره الله- تَعَالَى- فَيغسل وَجهه وَيَديه إِلَى الْمرْفقين وَيمْسَح بِرَأْسِهِ وَرجلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ».
وَأورد هَذَا الحَدِيث أَبُو محمّد بن حزم فِي كِتَابه المحلَّى بِلَفْظ: «ثمَّ يغسل وَجهه»، وَلَا يعرف ذَلِكَ. وَالْمَعْرُوف: «فَيغسل»، بِالْفَاءِ، كَمَا ذَكرْنَاهُ.
وَهُوَ أحد الْمَوَاضِع الَّتِي انتقدها عَلَيْهِ ابْن مفوز الْحَافِظ.

.الحديث الحَادِي عشر:

أَنه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «السِّوَاكُ مَطُهَرِةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ».
هَذَا الحَدِيث مَشْهُور وَارِد من طرق، الَّذِي يحضرنا مِنْهَا سَبْعَة:
أَحدهَا، وَلَعَلَّه أشهرها: عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «السِّوَاكُ مطهرةٌ لِلْفَمِّ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ».
رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنَيْهِمَا وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن أبي عَتيق، قَالَ: سَمِعت أبي، قَالَ: سَمِعت عَائِشَة، فَذَكرته.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله: الصَّحِيح أَن ابْن أبي عَتيق سَمعه من عَائِشَة وَذكر الْقَاسِم فِيهِ غير مَحْفُوظ.
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده عَن عَبدة بن سُلَيْمَان الْكلابِي، ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن عبد الله بن مُحَمَّد، قَالَ: سَمِعت عَائِشَة تَقول: فَذَكرته.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم ابْن حبَان فِي صَحِيحه: أَبُو عَتيق هَذَا اسْمه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر بن أبي قُحَافَة، لَهُ من رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم رُؤْيَة. قَالَ: وَهَؤُلَاء أَرْبَعَة فِي نسق وَاحِد لَهُ كلهم رُؤْيَة من رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَبُو قُحَافَة وَابْنه أَبُو بكر الصّديق وَابْنه عبد الرَّحْمَن وَابْنه أَبُو عَتيق. قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا لأحد فِي هَذِه الأمَّة غَيرهم.
قُلْتُ: لَيْسَ كَذَلِك، فعبد الله بن الزبير أمه أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق وأبوها وجدهَا، فهم أَرْبَعَة متوالدون من الصَّحابة، وَلم أرَ لأبي عَتيق رُؤْيَة وَلَا صُحْبَة، وكأنَّه كَانَ صَغِيرا جدًّا عَلَى عهد رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم. لَا جرم لم يذكرهُ ابْن مَنْدَه.
أمَّا من رَوَى عَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ وَولده، وَولد وَلَده فهم أَرْبَعَة أخر، ذكرهم الْحَافِظ ابْن مَنْدَه أَبُو زَكَرِيَّا فِي جُزْء مُفْرد وهم: أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة، وحَنْظَلَة بن حذيم بن حنيفَة الْمَالِكِي، ومعن بن يزِيد بن الْأَخْنَس السّلمِيّ، وَعبد الرَّحْمَن بن عَلّي بن شَيبَان الْحَنَفِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم.
وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: لَا نعلم خَليفَة وَرثهُ أَبوهُ غير أبي بكر الصّديق، لأنَّه توفّي وَأَبُو قُحَافَة حَيّ فورثه.
وَرَوَاهُ الإِمام الشَّافِعِي، عَن ابْن عُيَيْنَة، عَن ابْن إِسْحَاق، عَن ابْن أبي عَتيق، عَن عَائِشَة.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن يَحْيَى بن أبي عمر، عَن ابْن عُيَيْنَة، عَن مسعر، عَن ابْن إِسْحَاق، عَن عبد الله بن أبي عَتيق، عَن عَائِشَة.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الإِمام: ورأيته فِي مُسْند ابْن أبي عمر، كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن ابْن عُيَيْنَة.
ورويناه من مُسْند الْحميدِي، نَا سُفْيَان، نَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، فَصرحَ ابْن عُيَيْنَة بالسمَّاع من ابْن إِسْحَاق، فَزَالَتْ الْوَاسِطَة.
وَرَوَاهُ الدَّارمِيّ فِي مُسْنده من حَدِيث دَاوُد بن الْحصين، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا بِهِ.
وَعَزاهُ غير وَاحِد إِلَى صَحِيح الإِمام أبي بكر ابْن خُزَيْمَة مِنْهُم ابْن الْأَثِير، والمصنِّف- أَعنِي الإِمام الرَّافِعِيّ- فِي شرحي الْمسند، وَابْن الصّلاح فِي كَلَامه عَلَى الْمُهَذّب، وَالنَّوَوِيّ فِي كتبه، وَالشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي كِتَابيه الإِمام والإِلمام وَغَيرهم، قَالُوا: رَوَاهُ من حَدِيث ابْن عُمَيْر، عَن عَائِشَة.
وَهُوَ كَمَا قَالُوا، فقد رَأَيْته كَذَلِك فِيهِ بالقدس الشريف فِي رحلتي إِلَيْهَا.
فَأخْرجهُ من حَدِيث سُفْيَان، عَن ابْن جريج، عَن عُثْمَان بن أبي سُلَيْمَان، عَن عبيد بن عُمَيْر عَنْهَا، مَرْفُوعا بِهِ.
وَذكره البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي كتاب الصّيام تَعْلِيقا، فَقَالَ: وَقَالَت عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «السِّوَاكُ مطهرةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ». وَهَذَا التَّعليق صَحِيح لأنَّه بِصِيغَة جزم، وَهُوَ حَدِيث صَحِيح من غير شكّ وَلَا مرية، وَلَا يضرّهُ كَونه فِي بعض أسانيده ابْن إِسْحَاق كَرِوَايَة ابْن عُيَيْنَة ومسعر، فإنَّ إِسْنَاد البَاقِينَ ثَابت صَحِيح لَا مطْعن لأحد فِي رِجَاله، وَقد شهد لَهُ بذلك غير وَاحِد.
قَالَ الْبَغَوِيّ فِي شرح السّنة: هُوَ حَدِيث حسن. وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين ابْن الصّلاح فِي كَلَامه عَلَى الْمُهَذّب: هَذَا حَدِيث ثَابت. وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْمُنْذِرِيّ فِي كَلَامه عَلَيْهِ أَيْضا: رجال إِسْنَاده كلهم ثِقَات. وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الإِمام: إِسْنَاده جيد.
قَالَ: وَلِهَذَا أخرجه الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِيمَا بَلغنِي. وَكَلَام البُخَارِيّ يشْعر بِصِحَّتِهِ فإنَّه أوردهُ بِصِيغَة الْجَزْم.
قُلْتُ: وَهَذَا الحَدِيث لم أره فِي الْمُسْتَدْرك فِيمَا وقفت عَلَيْهِ من النُّسخ الشاميَّة والمصرية، وَالشَّيْخ تَقِيّ الدَّين- رَحِمَهُ اللَّهُ- لم يجْزم بعزوه إِلَيْهِ، وإنَّما تردد فِيهِ، لكنه جزم بذلك فِي الإِلمام. وَقد عثر بعض شُيُوخنَا الْحفاظ، فَجزم بأنَّه فِي الْمُسْتَدْرك تقليدًا مِنْهُ، فتنبَّه لذَلِك.
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «عَلَيْكُمْ بالسِّوَاكِ فَإِنَّهُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ عزَّ وجلَّ». أخرجه أَبُو حَاتِم ابْن حبَان فِي صَحِيحه.
الطَّرِيق الثَّالِث: عَن أبي بكر الصّديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ». رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده والدّارقطني فِي علله وَأَبُو نعيم من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ابْن أبي عَتيق، عَن أَبِيه، عَن أبي بكر بِهِ.
قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله: سَأَلت أبي وَأَبا زرْعَة عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَا: هُوَ خطأ، إنَّما هُوَ ابْن أبي عَتيق، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة. قَالَ أَبُو زرْعَة: أَخطَأ فِيهِ حَمَّاد وَقَالَ أبي: الْخَطَأ من حَمَّاد أَو ابْن أبي عَتيق.
وَقَالَ الدّارقطني فِي علله: يرويهِ حَمَّاد بن سَلمَة هَكَذَا- يَعْنِي بِإِسْنَادِهِ عَن أبي بكر مَرْفُوعا- وَخَالفهُ جمَاعَة من أهل الْحجاز وَغَيرهم، فَرَوَوْه عَن ابْن أبي عَتيق، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا وَهُوَ الصّواب.
قُلْتُ: وأمّا ابْن السَّكن فإنَّه ذكره فِي صحاحه.
الطَّرِيق الرّابع: عَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ فَإِنَّهُ مَطْيَبَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى».
رَوَاهُ الإِمام أَحْمد فِي مُسْنده. وَفِيه ابْن لَهِيعَة، وَسَيَأْتِي بَيَان حَاله فِي الْبَاب.
وَذكره ابْن عدي فِي كَامِله فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة النَّيْسَابُورِي: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ».
الطَّرِيق الْخَامِس: عَن أنس بن مَالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْه «أنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يستاك وَهُوَ صَائِم وَيَقُول: هُوَ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ».
رَوَاهُ أَبُو نعيم من حَدِيث هِشَام بن سُلَيْمَان، ثَنَا يزِيد الرقاشِي، عَن أنس بِهِ. وَيزِيد هَذَا قَالَ النَّسَائِيّ وَغَيره: مَتْرُوك.
الطَّرِيق السَّادس: عَن أبي أُمَامَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «تَسَوَّكُوا فَإِنَّ السِّوَاكَ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ، وَمَا جَاءنِي جِبْرِيلُ إِلاَّ أَوْصَانِي بِالسِّوَاكِ؛ حتَّى لَقَدْ خَشيتُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي، وَلَوْلا أَنِّي أَخَافُ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفْرَضته لَهُم، وَإِنِّي لأَسْتَاكُ حتَّى لَقَدْ خَشيتُ أَنْ أُحْفِيَ مَقَادمَ فَمِي».
رَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن ابْن هِشَام بن عمار- وَهُوَ حَافظ أخرج لَهُ البُخَارِيّ محتجًا بِهِ- عَن مُحَمَّد بن شُعَيْب- وَهُوَ ابْن شَابُور الدِّمَشْقِي، أخرج لَهُ الْأَرْبَعَة وَوَثَّقَهُ ابْن الْمُبَارك ودحيم. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: هُوَ أثبت من بَقِيَّة وَابْن حمير- عَن عُثْمَان بن أبي العاتكة وَهُوَ الدِّمَشْقِي الْقَاص، ضعفه النَّسَائِيّ وَوَثَّقَهُ غَيره- عَن عَلّي بن يزِيد- وَهُوَ الْأَلْهَانِي، ضعفه جمَاعَة. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان: صَالح- عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن أَبُو عبد الرَّحْمَن لَقِي جمَاعَة من الصَّحَابَة، وَمِنْهُم أَبُو أُمَامَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه-.
وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه، كَذَلِك من حَدِيث الْوَلِيد بن مُسلم عَن عُثْمَان بِهِ مثله إلاَّ أنَّه قَالَ «مطيبة»، بدل «مطهرة».
ثمَّ أخرجه من حَدِيث سعيد بن أبي مَرْيَم، نَا يَحْيَى بن أَيُّوب، عَن عبيد الله بن زحر، عَن عَلّي بن يزِيد، عَن الْقَاسِم، عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ».
وَهَذَا سَنَد واه. ثمَّ أخرجه من حَدِيث بَقِيَّة عَن إِسْحَاق بن مَالك الْحَضْرَمِيّ، عَن يَحْيَى بن الْحَارِث، عَن الْقَاسِم، عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا: «السَّوَاكُ مَطْيَبَةً لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ».
الطَّرِيق السّابع: عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس من قَوْله: «السَّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ».
رَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار فِي مُسْنده، ثمَّ قَالَ: لَا نعلم حدَّث بِهِ عَن ابْن جريج إلاَّ الرّبيع بن بدر، وَلم يَك بِالْحَافِظِ.
ورَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه من حَدِيث يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن حنين، عَن أَبِيه، عَن جدِّه، عَن ابْن عَبَّاس أنَّه سمع النَّبي يَقُول: «السَّوَاكُ يُطَيِّبُ الْفَمْ وَيُرْضِي الرَّبَ».
ورَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجم شُيُوخه من حَدِيث بَحر بن كنيز السقاء الْمَتْرُوك، عَن جُوَيْبِر، عَن الضَّحَّاك، عَن ابْن عَبَّاس رَفعه: «السَّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ وَمَجْلاَةٌ لِلْبَصَرِ». وَسَيَأْتِي من طَرِيق آخر مَرْفُوعا من حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي فصل مَنَافِع جَاءَت فِي السِّواك- إِن شَاءَ الله- والاعتماد فِي هَذِه الطّرق عَلَى الطَّرِيقَيْنِ الْأَوَّلين والبواقي متابعات وشواهد لَهَا.
والمطهرة: بِفَتْح الْمِيم وَكسرهَا، لُغَتَانِ: حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِي وَابْن السّكيت. وَغَيرهمَا. وَالْفَتْح أفْصح. وَهِي كل مَا يتَطَهَّر بِهِ.
قَالَ ابْن السّكيت: من كسر جعلهَا آلَة، وَمن فتحهَا جعلهَا موضعا يفعل فِيهِ. شبَّه السِّوَاك بهَا لأنَّه ينظف الْفَم. وَالطَّهَارَة: النَّظَافَة.